في كل شهر من أشهر رمضان الكريم ، تجمعنا روابط الإيمان ، و تحفنا أيادي العطف و التسامح ، و فضائل هذا الشهر الكريم كثيرة و معالمه عديدة ، اخترت لكم أشهر تلك المعالم و أشهرها على الإطلاق .
فمنذ أمتد نفوذ العثمانيين الأتراك داخل الدويلات الإسلامية باسم الخلافة ، و عادات استقبال رمضان و تقاليد إمضاء أيامه كما هي ، عدا بعض الأختلاف و التأثير الذي وضعه العثمانيين إما لحل مشكلة أو لأغراض أخرى ، و مع بدائية الماضي و حاجة الناس إلى طريقة تعلن لهم عن بداية رمضان ، و موعد الأفطار و السحور ، فقد لزم حل ذلك الإشكال من قبل الدولة العثمانية ، و عندها تم استخدام المدافع كوسيلة لأعلام الناس عن تلك المتطلبات الزمنية .
و تم تطبيق هذا الحل على سائر الدول الإسلامية الواقعة تحت سيادة العثمانيين ، و كما نعرف أن اليمن كانت أحد اجزاء الدولة العثمانية ، وقد ارسلت إليها المدافع من مصر ، ووُضعت في أماكن عالية كي يُسمع صوتها لمسافات طويلة .
أشهر مدفع في اليمن هو مدفع الإفطار في صنعاء ، والواقع في جبل نقـُم الشامخ ، و يساعد ارتفاع الجبل في إيصال صدى صوت المدفع إلى أكبر قدر من الناس و يصل مدى صداه العالي إلى 10 كيلو مترات أو أكثر .
و يتذكر أهالي صنعاء من كبار السن تلك العادة المميزة جيداً كلما ذهبوا لوصف أيام رمضان
في عهد الإمامة و ما قبل الثورة اليمنية .
و بقي رمضان ذو طابع فريد عند إطلاق تلك المدافع ، و اُتخذت عادة سنوية لعقود ،
و أدى سقوط الدولة العثمانية في الحرب العالمية الثانية إلى منع ذلك التقليد في بعض الدول
التي وقعت تحت يد الوصاية و أمثالها ، بينما استمر في بعض الدول إلى فترات متفاوتة .
في اليمن ، أُلغي ذلك التقليد بعد الثورة اليمنية و لأسباب عديدة كالأضرار التي يحدثها
إطلاق المدافع ، و دخول البدائل لتلك العادة كالساعات و التوقيت المحدد سابقاً .
و بعد عقود تم إعادة إحياء هذه العادة بقرار جمهوري صُدر قبل سنتين من الآن .
ولم يستخدم المدفع للأعلان عن وقت السحور و الإفطار فحسب ، بل للأعلان عن رؤية
و تشترك عدة دول في إحياء إطلاق مدافع رمضان على رأسها مصر و تركيا ، إلا انه
تم استبدال الذخيرة الحية بوضع البارود في بطن المدفع فقط ، تفادياً لأي أضرار مادية
أو خسائر بشرية كما في السابق .
و يضل رمضان هو الشهر الوحيد ذو المميزات الفريدة في أيامه ، وبعيداً عن صدى
المدافع ، أقول في الختام ، تقبل الله صيامكم و قيامكم ، و جعلنا من عتقاء النار .
و السلام ختام ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق